مدينة نيوز/حسن المولوع
بمجرد الإعلان عن متابعة نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع ، مدينة الدار البيضاء ، خرجت بعض الأصوات تعبر عن تضامنها المطلق واللامشروط مع الرجل ، في مقابل ذلك خرجت أصوات منتقدة لذلك التضامن وعبرت في ذات السياق عن سعادتها بهاته المتابعة، على اعتبار أن متابعة واحد ينتمي لمحراب العدالة تشكل حدثا ليس له مثيل وسابقة في التاريخ ، هذا دون الحديث عن الشامتين فيه …
فأي فريق معه الحق في هذه السابقة ؟
لن نتحدث عن فريق الشامتين لأن معظمه سيكون من الأنذال والجبناء الذين لا يفتحون افواههم إلا عند طبيب الأسنان ويرمون الأسد بالحجر حينما يكون في القفص ، ولكن سنتحدث عن الفريقين المتضادين ..
بالنسبة للفريق الأول فلقد عبر عن تضامنه مع نائب وكيل الملك كإنسان له أسرة وأطفال ، وإعلان التضامن معه سيقوي عزيمة المتهم في الدفاع عن نفسه لإظهار براءته وأيضا سيجعل عائلته تحس بنوع من الفرح والسرور ، فكيفما كان الحال، فالرجل خدم محراب العدالة لسنوات ومشهود له بالكفاءة ، ومهما يكن خطأه وحتى إن ثبتت التهمة في حقه ، من الأكيد أن له حسنات يجب ان تشفع له .
أما بالنسبة للفريق الثاني فهو اعتبر نائب وكيل الملك كواحد من جهاز لا تطاله المتابعة ولو اقترف ذنبا ، ولهذا السبب عبر عن سعادته لأن المتابعة يعتبرها سابقة، مطالبا له بأقسى العقوبات ، حتى إن البعض منهم حوله إلى شيطان ، وهنا ألغى الجانب الإنساني وكأن التهم الموجهة إليه ثابتة في حقه ، وهذا في نظري يعتبر مسا خطيرا بقرينة البراءة ويؤثر على القضاء ، وكما هو معلوم فالتأثير على القضاء جريمة يعاقب عليها القانون ، خصوصا وأننا نرى نفس الفريق يهاجم الذين اعلنوا عن تضامنهم مع الرجل .
إن السابقة التي يجب التركيز عليها ليست في متابعة نائب وكيل الملك ، بل السابقة في نظري هي إعلان التضامن معه من طرف سكان المحمدية الذين رحل عن محكمتهم قبل سنة وما زالوا يتذكرون خصاله الحميدة ، ما يعني أن الرجل له علاقة لصيقة بالمواطنين البسطاء وترك بصمته التي جعلت الناس يعددون خصاله ، وهذا من بين الأدوار التي تقوم بها النيابة العامة، أي تكون قريبة من المواطن وفي خدمته ، فلو كان الرجل سفاحا ويرعب الناس لن تجد الا فريقا واحدا يصفق لهاته المتابعة ، والحال أننا لاحظنا العكس ، لاحظنا انقساما ، وهذا الانقسام هو الذي يجب قراءته لأنه هو الذي يعتبر سابقة .
ليس كل من تضامن مع نائب وكيل الملك بالضرورة فإنه يشكك في المتابعة و نزاهة القضاء ، بل الذين تضامنوا إنما احترموا مبدأ قرينة البراءة وأن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته ، ونائب وكيل الملك هو الآن بريء ،وأن التحامل على شخصه وتحويله إلى شيطان كما فعل الفريق الآخر سيكون جريمة تاريخية كما حصل مع الكوميسير محمد مصطفى ثابت الذي تم إعدامه خارج الفصول القانونية، بسبب محكمة الرأي العام الذي هيجته صحافة تابعة لأحزاب كانت تطالب بدولة الحق والقانون، لكن ثابت تم إعدامه مع أن تهمته لا تصل عقوبتها للإعدام ، والخوف كل الخوف أن يتكرر مثل هذا السيناريو البشع .
إن مطلب الجميع الآن ومن دون شك ، هو المحاكمة العادلة ، وأن تتم متابعة نائب وكيل الملك في حالة سراح ، لسبب وحيد ، هو أنه يتوفر على ضمانات كبيرة للحضور، وأنه ينتمي لجهاز حريص على تطبيق القانون ويدافع عن المجتمع ، فإبقاؤه رهن الاعتقال هو إهانة في حق النيابة العامة ، تجعلنا نحن كمواطنين نقول مع أنفسنا أنها لا تثق في رجالها وتتابعهم في حالة اعتقال ، وأن ابقاءه رهن الاعتقال بشكل خطرا عليه ، فكيف لرجل كان بالأمس يعتقل الناس واليوم هو معتقل معهم ؟ كيف سيعامله المعتقلون ؟ إن افترضنا أنهم لن يعتدوا عليه جسديا فمن الأكيد أنهم سيعتدون عليه معنويا ولو بكلمة، والاعتداء المعنوي وقعه بليغ على نفسية أي إنسان .
نعم ، الجميع سواسية أمام القانون ، لكن في نظري لا يجب أن تكون العدالة في هذا الباب انتقامية لارضاء الرأي العام ، من حق النيابة العامة أن تؤدب ابناءها لكن يجب ان توفر لهم مناخ التأديب، فمهما كان الخطأ الذي اقترفه ، فمن الأكيد أنه خدم العدالة في أيام أو أسابيع أو شهور او سنوات ، وخدمته يجب ان تشفع له على الأقل متابعته في حالة سراح ليدافع عن نفسه أمام المحكمة الرحيمة بالقانون ، وأمام المجتمع الذي لن يرحمه، حتى ولو قضت المحكمة ببراءته .
عن الانباء بوست