…حركة عشرين فبراير، ذكرى مأثم باثت تخلذ كل سنة على إيقاع تراجيدي، يرثي من خلالها البعض النضال من نشطائها الأوفياء، كرونولوجيا الخيبات، بعد كل تلك الحملات الشرسة والانتقادات التي حاولت بعض التيارات من خلالها زعزعة استقرار الدولة وشل دينامية مؤسساتها، عن طريق تشويه صورتها لدى المواطن المغربي، هذا الأخير الذي كان أذكى مما تخيله العديد من رواد الحركة، خصوصا أولئك الذين كانت لهم أجندات لا تمت لمصلحة الدولة والمواطنين بصلة، بل وأدرك سريعا أن بعض التوجهات التي دعت إليها الحركة كانت حقا أريد به باطل،وكان الهدف منها السير بالمجتمع المغربي نحو تيارات إيديولوجية علمانية ستحوله إلى فوضى أخلاقية وانفصام اجتماعي….
…لا يجب إنكار التفاعل الإيجابي للمؤسسة الملكية مع الحركة، والتي تجسدت في خطاب ملكي سامي يوم 11 مارس 2011، وقرار بتعديل الدستور، وهو ما استبشر به المغاربة خيرا وخلق لديهم طمأنينة وسكينة، جعلت منهم أكثر وعيا وذكاء في التعامل مع الحراك، خصوصا أن المطالب كانت تبدو مشروعة، قبل أن يتحرك نشطاء ومحللون سياسيون ومفكرون، استطاعوا تحليل خطاب الحركة وكشف مضمونها، وبينوا للمواطن المغربي مكامن الخطورة في مضامين الأهداف التي جاءت بها الحركة، وذلك بإزالة الستائر عن أجنداتها الخفية…
…لعبت مؤسسة الدولة دورا هاما في امتصاص اندفاع الشارع المغربي خلال يوميات المسيرات الحاشدة والوقفات المكثفة، وتعاملت بدقة وحكمة وفطنة مع كل أعمال الشغب التي خلفها هيجان الشباب المغربي، واستمرت بالموازاة في خلق المشاريع، وتأسيس الورشات التنموية لفائدة المواطن المغربي، بل وجعلت من نفسها ناقدا ذاتيا لجهدها وعملها، وهو صلب التفاعل الإيجابي مع الحراك، مما جعل من المغرب نموذجا رائدا على المستوى العربي وشمال إفريقيا، في مجال مكافحة تيارات الفتنة، التي عصفت ببلدان عديدة خلال موجة الخريف العربي، وفي مجال التنمية الاجتماعية الاقتصادية والسياسية….